هناك لحظات كثيرة في العمر تعتبر من اللحظات الفاصلة والمرحلية التي تشكل في شخصياتنا وتؤدي لإزدهارنا ولوجود هذه اللحظات في حياتنا نحن نتطور على الدوام.
قد تكون هذه اللحظات عبارة عن لحظة ألم أو لحظة فرح أو لحظة إكمالك لتصفح عالم آخر لذلك الكتاب الذي كان بين يديك للتو أو ربما موقف معين تعرضت وسواء كانت هذه المواقف جيدة ام غير ذلك .. كل ذلك غير مهما في هذه اللحظة.. لكن الجدير بالذكر والمهم هنا هو ما أحدثته تلك اللحظات من ثورة وعي وتفتح أبواب لم تكن مفتوحة قبلا , هنا في هذه اللحظة بين رمشة عين وأخرى تتغير حياتنا ويختلف ما قبل هذه اللحظة عن ما سيأتي بعدها.
لا يسأل الكاتب لماذا تكتب هذا الان ولا يسأل القارىء الكاتب ماذا نستفيد من كل ذلك انما هو بوح للحياة وللذات هو يقضة تأمل وتفكر لا أطلب فيها منك -عزيزي القارئ- تمجيداً أو نقدا أو تحليلا لذاتي أو لحياتي ..أنا أكتب للذة الحرف مغموسة ببوح الروح والقلب والتأمل وإن كنت واعياُ يقضا كما عهدت من يقرأ لي فستجد صدقا شعاع ينبثق من هنا فيصل إلى قلبك و روحك و عقلك ستجد ذلك حتما وسيضىء شيئا م في اركان عالمك الواسع . فتعال لنعزف سويا موسيقاي بكل نوتات حياتي الجميلة الفائتة فنطرب سويا لسيمفونية قد تضاهي سمفونية لموازار أو بيتهفون سوف لا أعدك بشيء فقط سنعزف ونستمتع.
- معزوفتي الإولى جميلة كوجه الشمس وهي تبتسم عند شروقها:
لقد كنت منذ الصغر ذلك الطفل المجنون الخارج عن نطاق العقل والذاهب إلى ماهو أبعد من الاشياء المادية الملموسة إلى جمال الروح وتوائمها مع الحياة والطبيعة فمن تلك النسمات المتطايرة من الورد والياسمين و رائحة الأرض في باحة منزل بيت جدي كانت تعتريني نشوة بالغة كانت تجعلني في حالة ابتسام مستمرة ولهو ولعب وبهجة غير مبررة ولم أكن حينها اعي إنه كان نوعا من التأمل إلا قريبا جدا لذلك تعلم-عزيزي القارئ- التأمل وتفكر بكل تفاصيل حياتك سيأتي ذلك اليوم وستعلم ماذا أعني .
- معزوفتي التالية الحب والطفولة :
ترعرعت في بيئة طبيعية جميلة وخصبة بالحب والموسيقى والأغاني والألحان البهيجة واللعب والرقص ولقد لمست الحب للجنس الآخر في سن مبكرة ولقد كنت ايضا ككل الرجال أو الذكور غبيا كما علمت من كتاب قرأته لاحقا.. قد يكون ذلك من المضحك لدى البعض وهذا لا يهم .. وربما يحترم من البعض الآخر من خلال احترامهم فكرة أن يخلق لديك وعي مبكر بأن ما لا تعرفه حاول التعرف عليه بالإطلاع والمعرفة والبحث بدل الإنكار والتعامل غير الصحيح ومن هنا كانت البداية في دخول عالمي في القراءة والحب لهذا العالم البهيج بكل المجالات .. والسبب بل من أهم الاسباب عجزي التعامل مع الجنس الآخر .. وأجد غرابة في تصرفاتهن وهنا كان من اول الكتب التي قرأتها هو الرجال من المريخ والنساء من الزهرة لجون غراي والذي قراته عدة مرات بعدها.
لقد كنت غبيا في الحب لدرجة اني اخفقت اخفاقا فادحا في حبي الطفولي الأول الذي أحتجت للتخلص من آثاره إلى فترة نقاهة لم تكن بقليلة وبعدها فترة للتشافي تماما من اخطائي الفادحة فيه ونظراً لأني كنت أرى نفسي ذو خبرة في التعامل مع المرأة بطريقة صحيحة وقعت في أخطاء أخرى وقرأت كتب اخرى وشاهدت محاضرات أكثر ولكن لا جدوى من الأمر لازالت أخطأ مرة تلو المرة.
- معزوفتي الان الحب والثورة وقد كنت قي مرحلة نضج لابأس به :
لقد كونت اخطائي السابقة في داخلي نوعا من الغضب والثورة وربما في العمق هروب من كيان ما يعرف بالمرأة ولذلك حسب تأملي وتحليلي الحالي فإن كل ذلك كان السبب في إنجراري انذاك إلى عواصف العنف الذي هبت على المنطقة العربية في 2011 فادعيت انني شخص ملتزم دينيا وخرجت الشارع ألوم هذا وذاك على أخطاء اقترفتها بحق ذاتي , لكني أرى انني احتجت لهذه الفترة للتنفيس عن الغضب الذي في داخلي فكانت الثورة سبيلي لذلك , لذا كن يقينا عزيزي القارىء أن لكل شخص من حولك سبب داخله غير ما تراه وأعلم أن البناء من الداخل يخلق جنة من الخارج مهما كانت الظروف والعكس يحدث عندما يكون الهدم من الداخل .
أعود إليك بسمفونيتي لقد ضل قلبي دوما منذ كنت طفلا يرشدني واستمع اليه ولكني كلما كبرت كنت اتغاضى عنه حتى أصبحت اقاومه ولم استمع الى صوت قلبي الذي في البداية جعلني ضد كل الاحداث في 2011 وبعد ذلك جعلني ما في داخلي من ضوضاء انجرف معها كما أخبرتك سابقا , لذا ادعوك للاستماع والعودة إلى قلبك صدقني قلبك يعرف فلا تكبته.
تركت القراءة وخرجت اصرخ بملئ فاي وتركت تحمل المسؤولية حتى فشلت لأول مرة في حياتي في الجامعة بعد ما كنت من المعروفين بالتفوق ,وجعلني ذلك نظرا لما كنت قد انجررت إليه كما أخبرتك سابقا أن لا أجد على من ألقي اللوم سوى أن اهتف ضد أكبر معلم وأكثرهم علما ومعرفة في كليتي العريقة .
ولان صوتي كان عاليا وغضبي كثيرا ولكثرة أولئك الذين يلومون كل شيء إلا انفسهم بأسباب الدمار الداخلي قبل الخارجي فقد كان يسير ورائي المئات من الطلاب وكانت هتافاتي التي أعكف عليها ليلا لأرددها صباحاً تلاقي قبولا منقطع النظير بالذات من مجتمع الفتيات وكانت هتافاتي كأغاني ما يطلبه المستمعون في الراديو ! وربما كان السبب العميق التنفيس عن الغضب وأيضا سبب آخر هو علي الاقي قبولا من إحداهن وحدث واعجبت باحدى الناشطات ونظرا لصدقي وخبرتي أخبرتها بمشاعري لكن لم يكتمل لعدم قبولها بالأمر.
- أما ألان فساحكيك عن سمفونية ذلك الحب العذب لكل شيء جميل و دخولي لعالم الشركات الناشئة:
صديقي القارئ لي كما تعلم لقد ادت احداث 2011 الى توقف الكثير من الاعمال وحالة ركود اقتصادي في البلاد مما أدى بي الى التوقف عن الجامعة قليلا واطلاق أول مشروع في حياتي بالإشتراك مع إبن جدي وكان محلا لبيع الشيبس ( رقائق البطاطس ) بالجبنة كان يحمل إسم جولدن شيبس ومن هنا بدأت استشعرأنني قادر على الحيازة على الاموال فأهملت الجامعة وبدأت اعمل هنا وهناك بعد توقف مشروع جولدن شيبس عملت في الشبكات وفي تطوير الانظمة حتى تعثرت في الجامعة في بعض المواد حين ذاك كنت مستمر بشغف القراءه وكنت قد أكملت كتاب غير تفكيرك غير حياتك لبريان تراسي فقررت حينها الحصول على قرض من الجامعة وشراء لابتوب ( كمبيوتر محمول ) والعمل فيه , حيث كنت قبلها أقوم بالاستعارة لجهاز كمبيوتر من أحد أصدقائي في كل نهاية اسبوع لأقوم بكل الواجبات وأتعلم عليه طيله ليله الخميس ليأتيني يوم الجمعة صباحا ليستعيد حاسوبه.
في تلك الأثناء وجدت لدي شغف كبير في مجال البرمجة وغيرت تخصصي الجامعي ولكني بعد إكمال كتاب أغنى رجل في بابل لجورج كلاسون وجدت أنه أحدث ثورة داخل دماغي وانفتاح جديد فظهرت في حياتي خطيبتي الحالية والتي خططنا سويا لاطلاق اول شركة ناشئة لي وخلال أقل من عام اطلقت شركتي الناشئة كلاس بورد والذي خلالها توقفت بعدها عن الدراسة حتى أعتني بهذا الكيان وايضا توقفت عن القراءة بغزارة ! وبسبب اخطائي السابقة التي لم اقوم بتحمل مسؤليتها انجرت البلد الى العنف والحرب في 2015 – قد لا تعي عزيزي القارئ ما اقصده هنا جليا ولكن الأمر عميق شرحته في أحدى تدونياتي السابقه وسأخبرك عن ذلك في تدوينات لاحقة لا عليك- .
لازلت اتذكر جليا في يوم الجمعة 24 فبراير 2015 كيف استيقظت من على السرير لأرى أمامي فيما يقارب كيلو متر واحد من منزلي ثلاثة انفجارات متتالية اسميتها بال(الصاروخ الذي ايقضني) لقد جلست في حالة ذهول وعدم قدرة على الكلام لدقائق وبدأت بعدها استوعب أنني أنا وإنني في اليمن وأن اليمن تحت العمليات العسكرية منذ وقت قريب وبعد أيام تعد من الهلع تلك الايام المليئة بصراخ الاطفال والنساء وركض الناس في الشوارع أثر الإنفجارات والاشتباكات والنوم في صالة المنزل والعيش في الضلام الدامس قررنا النزوح الى الريف كان ذاك في 29-4-2015 وهنا أتت حقبة جديدة من حياتي.
- أعود إليكم إلى سمفونية ذات الصوت النشاز وهي تبعات الصاروخ الذي ايقضني :
لقد كانت حياتي في المدينة غاية في التطور فكافة الاحتياجات متوفرة ولقد كنت في منزلنا امتلك كثيرا من وسائل الراحة من ضمنها واهمها الوسائل الالكترونية واستمرارية التيار الكهربائي في كافة الظروف ولكن كل ذلك لم يمنعني من الرحيل فقد كنت مصابا بقلق شديد كان يؤدي بي احيانا للاستيقاظ من النوم مختنقا غير قادرا على التنفس وفي يوم وليلة دونما تفكير حزمنا اغراضنا التي نستطيع حملها فقط بايدينا ورحلنا عابرين الطرق المليئة بركام الحرب والأبواب المخلوعة والصخور المتناثرة هنا وهناك من أثر القصف الذي دمر الكثير من المباني والتي اقتنعت انها دمار داخلي كل ما حدث هو انه خرج الى الخارج .
مشينا بسرعة فائقة الى أن وصلنا إلى الريف موطن أجدادنا التي وجدت إنه اقل من توقعاتي بآلاف المرات , فالناس هنا تعيش حياة بدائية دون خدمات لا يوجد كهرباء ولا انترنت .هنا يأكل الناس من الأرض ويعملون في نحت الجبال من أجل البناء وتعد هذه من أهم الوظائف هناك وأعلاها أجرا !
أصبح جهازي المحمول فقط خازنا للطاقة التي كنا ربما نتسلق الجبال احيانا للحصول عليها وأصبحت هواتفي خارج الخدمة وشعرت بنفسي معزولا عن العالم , لكن العجيب في الأمر أنني كنت مستمتعا حين وصلت إلى هذا المكان وعند استنشاق هواء الريف ورؤية بساطة الحياة هناك كنت أشعر بشيء جميل في داخلي جعلني أشعر انني جزء من هذا كله وشعرت بشعوري وانا في باحة بيت جدي وانا صغير..
عملت في الأرض ولأول مرة بدأت أمارس التأمل ولقد تأملت في الجبال وفي الحقول وبعد أن كنت أتوجه للفراش في الساعة الثالثة فجرا أصبحت أنام في التاسعة مساء واستيقظ في الرابعة فجرا .. بدأت ألمس السلام الداخلي وبدأ القلق في التبخرو بدأت في اللعب كالأطفال ورقصت أيضا في الجبال وخرجنا في مغامرات إستكشافية لإستكشاف الكهوف والنباتات الغريبة وكذلك المناطق التي كان الناس يقومون بتخويفنا من تواجد الجن فيها لقد تنزهنا في كهوف مخيفة واستكشفنا شلالات جميلة في الإيام الممطرة وأيضا قرأت بشكل غزير واستمعت الى مواد صوتية بشكل أغزر.
لقد شعرت بتدفق الحياة في عروقي وبدأت في كل صباح استيقظ فيه أشعر بالإمتنان للحياة وأخرج لمباركة السماء والسحاب والجبال والشجر والورد من حولي, وكم قد ألهمني ذلك العصفور الذي كان يسكن في شجرة الكافور تلك القابعة أمام منزل جدي حيث أنه خلال ثلاثة اشهر فقط قام ببناء ثمانية أعشاش , لقد الهمني حاله واستغربت أيضا لحالنا نحن البشر فالعصفور يبني ويستمر في البناء أما نحن فماذا نفعل!
- فقررت عزف سيمفونتي هذه المرة بتناغم أكثر وقوة وقررت الخروج للعالم بروح جديدة
لقد كنت دوما أعرض على والدتي الذهاب لمدن يمنية أخرى للعمل ولبدء حياتي من جديد فكانت تمانع ذلك حتى أتت لحظة حسمي القرار فقررت الخروج من الريف إلى المدينة وعدم الإنتظار أكثر من ذلك , فخططت وقمت بإرسال عدة ايميلات حتى وجدت فرصة للإستثمار والعمل في مدينة عدن فأتجهت الى هناك دون أن اخبر والدتي ولازلت أذكر في 28-12-2015 عندما قمت بالاتصال لها ضهرا وأنا في منطقة المعلا قائلا لها أنني وصلت بالسلامة إلى محافظة عدن وانني سأبدأ حياة جديدة.
كان وجودي في عدن شيء جميل فلمست بالبحر التوسع وفي مياهه التجدد وتنفست الاوكسجين النقي الكثيف الذي جعلني اقوى عقليا وجسديا وكما كان هناك لحظات جميلة ايضا كان هناك لحظات قاسية جدا تعلمت فيها دروسا حفرت في شخصيتي وأبدعت جيث قمت فيها بعمل نظاما للمعاهد والذي يتواجد فيه الان اكثر من 5000 طالب ويعمل على عدة فروع في معهد للغة الانجليزية في عدن.
لقد شعرت أن تواجدي في عدن قد يجعلني أفوت فرص استثمارية أكثرقوة , ففكرت بإلإتجاه إلى العاصمة صنعاء فهي رغم الحرب لاتزال فيها حركة اقتصادية وعمل ونشاط بصورة أكبر فإنتقلت إلى صنعاء وبدأت مرة اخرى من الصفر وها أنا ذا اعمل جاهدا على تطوير نفسي وأعمل في بناء المواقع وتطبيقات سطح المكتب في مكتب خاص بي في حاظنة الأعمال بلوك ون وأسعى الى تطوير مشروع ما والأنطلاق من جديد في عالم الشركات الناشئة الذي لازلت شغوفا به بشكل كبير.
ربما اختصرت الكثير من الاحداث اعلاه وربما كانت قصة ليست بالقوة التي من الممكن ان تلهمك لكني من خلال هذا كله احببت ان اقول لك أن اول خطوة تصنع فارقا في حياتنا هي ان نتحمل مسؤولية كل ما يحدث لنا وان نستمر في النمو والازدهار والى مدونة اخرى اشكرك كثيرا على قراءة تدوينتي هذه.
اترك تعليقاً